11 سنة تمر على ملحمة “بورتو أليغري”

في مثل هذا اليوم، منذ 11 عامًا، دوّت في سماء الكرة العالمية واحدة من أعظم اللحظات في تاريخ المنتخب الجزائري، في قلب البرازيل، وعلى أرضية ملعب “بيرا ريو” بمدينة بورتو اليغري، دوّى اسم “الخُضر” في سماء كأس العالم بصوت لم يكن قابلاً للتجاهل، كان يوم السادس والعشرين من جوان 2014 موعدًا مع المجد، حين رسمت الجزائر طريقها نحو الدور الثاني من المونديال لأول مرة في تاريخها، وكأن القدر كتب تلك اللحظة ليخلّدها شعب بأكمله في ذاكرته إلى الأبد، لم يكن ذلك مجرد تعادل أمام روسيا، بل كان عبورًا إلى العالمية، تتويجًا لسنوات من الصبر، وخاتمة لحقبة من الشكوك والانتقادات، افتتحها منتخب شاب بجيل لم يؤمن به كثيرون، لكنه آمن بنفسه، واستعاد كرامة وطن كانت الكرة بالنسبة إليه أكثر من مجرد لعبة

دخلت الجزائر اللقاء بثقة المحارب الذي يعرف أنه على بعد خطوة واحدة من دخول التاريخ. اعتمد الناخب الوطني وحيد حاليلوزيتش على نفس الخطة التي قهرت كوريا الجنوبية، مع تغييرات طفيفة أبرزها تعويض بوقرة بالمدافع الصلب بلكالام. رايس مبولحي تولى حماية العرين، أمامه رباعي دفاعي مكوّن من ماندي، حليش، بلكالام، ومصباح، بينما تمركز في وسط الميدان الثنائي بن طالب ومجاني، وخلف رأس الحربة سليماني، توزّع الثلاثي جابو، براهيمي، وفغولي لصناعة اللعب وبث الرعب في دفاعات الخصم

ورغم الطموحات العالية، صدم المنتخب الروسي الجزائريين بهدف مباغت في الدقيقة السادسة عبر كوكورين، استغل خلاله سوء تمركز دفاعي وخروج فغولي مؤقتًا بسبب الإصابة. لكن تلك الصفعة لم تكن كافية لإطفاء نار الإصرار التي اشتعلت في قلوب رفاق مبولحي. عاد المنتخب تدريجيًا للقاء، فرض سيطرته، احتكر الكرة، وبدأت ملامح هدف التعادل ترتسم مع مرور الدقائق. ومع بداية الشوط الثاني، وتحديدًا عند الدقيقة 60، نفذ ياسين براهيمي كرة ثابتة نموذجية ارتقى لها إسلام سليماني فوق الجميع، وضرب برأسه الكرة نحو الشباك، مسجلاً واحدًا من أقدس الأهداف في تاريخ الكرة الجزائرية

ذلك الهدف لم يكن مجرد تعديل للنتيجة، بل كان بوابة عبور نحو المجد. ومع نهاية اللقاء، وصدور صافرة الحكم الألماني، علمت الجزائر كلها أنها كتبت التاريخ. أربعة نقاط، تأهل مستحق، والمركز الثاني خلف بلجيكا، والأهم من كل ذلك، إثبات أن الكرة الجزائرية لا تعترف بالعُقد ولا بالمستحيلات

حاليلوزيتش الذي دخل كأس العالم وسط عاصفة من الانتقادات والتحامل وحتى التهجمات الإعلامية، رد في الميدان، لا بالكلام ولا بالتصريحات، بل بالأداء، وبنتائج صادمة للعالم، وملهمة لجيل كامل من الشباب. آمن بجيله، منح الفرصة لأسماء لم تكن تحلم يوماً باللعب في هذا المستوى، ففجّر طاقات سليماني، جابو، بلكالام، براهيمي، وسوداني، وخلق منتخباً شرساً لا يهاب الأسماء ولا يركن للخلل

فرحة بورتو أليغري كانت عارمة، اجتاحت الشوارع والساحات من وهران إلى تبسة، ومن تلمسان إلى تمنراست، مشاهد الفرح كانت تاريخية، والدموع التي انهمرت من أعين اللاعبين والمشجعين لم تكن سوى دليل على أن الجزائر لم تتأهل فقط إلى الدور الثاني، بل استعادت روحها، وكبرياءها، وكتبت ملحمة تُروى للأجيال

مونديال البرازيل 2014 لم يكن مجرد مشاركة، بل كان نقطة تحوّل، وجيل حاليلوزيتش أثبت أن الإيمان بالقدرات والعمل الجاد قادر على تحقيق المعجزات. كانت تلك الليلة باردة في بورتو أليغري، لكنها مشتعلة في قلوب الجزائريين الذين أدركوا أن حلمهم صار حقيقة، وأن المجد ليس حكرًا على أحد، ما دام هناك رجال مستعدون لكتابة التاريخ بدموعهم وعرقهم وأهدافهم

كانت ملحمة، وكانت بوابة التاريخ، وكانت الجزائر بكل فخر، حاضرة في المونديال، لا كضيف شرف، بل كقوة كروية تستحق الاحترام.

هاجر .ح
هاجر .ح

Recent Posts

فتيات “الخضر” لأقل من 20 سنة في مهمة لتعويض الهزيمة أمام السنغال

أنهت فتيات المنتخب الوطني الجزائري تحت 20 سنة، مساء الجمعة، آخر حصصهن التدريبية على ملعب…

5 ساعات ago

سعيود يتفوق على محرز بجائزة فردية

عرفت مباراة الحزم والأهلي السعودي تألق اللاعب الجزائري لاعب الحزم أمير سعيود بالرغم من الخسارة…

5 ساعات ago

رغم الضغوط.. غويري بمردود محترم مع “لوام” أمام ستراسبورغ

تمكن أولمبيك مرسيليا من قلب تأخره أمام ستراسبورغ والفوز خارج ملعب الأخير بنتيجة 2-1، ليعود…

6 ساعات ago

لجنة الانضباط تكشف عن جديد عقوبات الجولة الخامسة

كشفت لجنة الانضباط مساء اليوم عن مجموعة من القرارات الجديدة الخاصة بمخالفات الجولة الخامسة من…

7 ساعات ago

وناس يعود “للخضر” من البوابة المحلية

تلقى آدم وناس لاعب نادي السيلية القطري دعوة من الناخب الوطني المحلي مجيد بوقرة، للالتحاق…

7 ساعات ago

لاعبو مولودية بجاية يطالبون بمستحقاتهم بطريقة رمزية وهذا رد الإدارة

فاز فريق مولودية بجاية اليوم الجمعة على شباب بني ثور في بطولة القسم الثاني هواة…

7 ساعات ago

This website uses cookies.