يقال أن “رب عذر أقبح من ذنب” وهو مثل يختصر إلى حد بعيد حالة الجدل التي رافقت إعلان مدرب المنتخب الوطني الجزائري فلاديمير بيتكوفيتش اليوم عن قائمته النهائية المعنية بخوض نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025. وهي قائمة عرفت غياب ثنائي خطف الأضواء خلال كأس العرب هما مدافع أولمبي الشلف أشرف عبادة ولاعب وسط القادسية الكويتي فيكتور لكحل في قرار أثار إستغراب الجماهير وفتح باب الإنتقادات على مصراعيه خصوصا مع إستدعاء أسماء أخرى رأى مغلب الجزائريين أنها غير جديرة بالموعد القاري الكبير.
أشرف عبادة كان من أبرز مكاسب البطولة العربية، هذا المدافع الذي أدهش الجزائريين بروحه القتالية العالية وصلابته الدفاعية وحضوره الذهني القوي ما جعله محط إشادة واسعة ليس فقط محليا بل عربيا أيضا. حيث قدم الأخير صورة اللاعب الجاهز ذهنيا وبدنيا وظهر كمدافع لا يهاب المواجهات ويؤدي أدواره بجدية واضحة فوق أرضية الميدان.
أما فيكتور لكحل فقد شكل إحدى أبرز مفاجآت منتخب الجزائر الرديف في كأس العرب 2025. لاعب خط وسط متكامل ومخضرم يبلغ من العمر 31 عام عاد بقوة إلى الواجهة ونجح خلال كأس العرب في فرض نفسه كأحد ركائز الفريق وأفضل لاعبيه وهو ما جعل أصواتا عديدة تطالب بمنحه فرصة مع المنتخب الأول.
ورغم هذا التألق خرج الثنائي من حسابات الكان لأسباب أوضحها بيتكوفيتش في تصريحاته حيث أكد أنه لا يستطيع نستدعاء لاعبين خارج القائمة الموسعة التي تم تقديمها قبل كأس العرب مشيرا إلى أن عبادة ولكحل لم يكونا ضمن قائمة الخمسين لاعبا المرسلة مسبقا.
غير أن هذا التبرير بدل أن يغلق باب النقاش زاد من حدة الإنتقادات الموجهة إلى المدرب والطاقم الفني. فالسؤال الذي يطرحه الشارع الرياضي اليوم هو : هل يتابع بيتكوفيتش فعلا اللاعبين الناشطين خارج البطولات الأوروبية ؟ وهل يحظى اللاعبون الذين ينشطون في الرابطة المحترفة أو الدوريات العربية أو الذين لا يتمتعون بشهرة سابقة بنفس فرص التقييم والمتابعة ؟
الجدل يزداد حين تقارن هذه الغيابات بإستدعاء أسماء أخرى محل نقاش. فمثلا يوسف عطال عائد من إصابة، ولم يكن أساسيا لا مع المنتخب الرديف ولا مع ناديه السد في الدوري القطري وجد نفسه ضمن القائمة. إلى جانبه محمد أمين توغاي الذي ورغم مردوده غير المستقر وقلة مشاركاته وإصاباته المتكررة “ثابت في القائمة”. والأمر ذاته ينطبق على حسام عوار الذي لا يحظى بدقائق لعب منتظمة مع الإتحاد السعودي فضلا عن زروقي الذي بات اسمه مرتبطا لدى جزء من الجماهير بعدم الإستقرار في الآداء مع المنتخب وهذا مع لاعبين آخرين في شيخوخة كروية أو في الحقيقة “لا يستحقون المنتخب”.
هذه المعطيات مجتمعة توحي بأن بيتكوفيتش ما يزال أسير دائرة أسماء متكررة يفضلها على حساب مبدأ الجدارة والإستحقاق وهو ما يطرح تساؤلات حقيقية حول فلسفة الإختيار ومعايير التقييم وحدود التجديد داخل المنتخب الوطني.

