في دوري تتنافس فيه الأندية بشراسة على بطاقات الصعود، يبرز الجزائري مهدي دورفال كنجم ساطع مع نادي باري الإيطالي. يُلقب بـ”مارسيلو الجزائر” لتشابهه مع النجم البرازيلي مارسيلو، سواء في قصة الشعر أو طريقة اللعب، لكن ما يميّز دورفال حقًا هو تعدد مهاراته الفنية وإتقانه اللعب في مختلف المراكز على الجهتين اليمنى واليسرى.
اللاعب البالغ من العمر 23 عامًا يعيش أفضل فتراته الكروية، حيث قاد ناديه إلى تحقيق فوز ثمين على تشيزينا بهدف دون رد، سجل بنفسه الهدف الوحيد في الدقيقة 33 برأسية رائعة، رغم أنه ليس بطويل القامة. هدفه سمح لباري بالارتقاء إلى المركز الخامس في ترتيب “السيري بي” برصيد 24 نقطة، ليعزز آمال الفريق في الصعود إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي.
بعد المباراة، ظهر دورفال في المؤتمر الصحفي ليكشف سر تألقه، فقال: “أعمل بجد في التدريبات، خاصة في إنهاء الهجمات في الزاوية البعيدة، واليوم سجلت بهذه الطريقة”. تصريحات تُظهر وعي اللاعب بأهمية العمل على تفاصيل صغيرة تساهم في صنع الفارق. كما تحدث عن مركزه المفضل في التشكيلة قائلاً: “أشعر أنني بحالة جيدة في مركز الجناح الأيسر لأنني أجيد المراوغة، وربما أفضله على مركز الجناح الأيمن”.
ويُعرف دورفال بأنه من اللاعبين القلائل الذين يجيدون اللعب بكلتا القدمين بنفس الكفاءة، وهي ميزة نادرة في كرة القدم الحديثة، ما يمنحه مرونة تكتيكية كبيرة سواء في الجوانب الهجومية أو الدفاعية. اللاعب الجزائري بدأ مسيرته كظهير أيمن، لكن مع مرور الوقت، أثبت قدرته على التألق في مركز الجناح الأيسر، وهو ما زاد من قيمته الفنية والتكتيكية في أعين مدرب باري.
ولم يُخفِ “مارسيلو الجزائر” طموحه في مساعدة نادي باري على تحقيق الصعود إلى دوري الدرجة الأولى “السيري آ”، حيث صرّح: “إذا تمكنا من الصعود إلى الدوري الإيطالي للدرجة الأولى فسأكون سعيدًا جدًا”. لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة تحسين الجوانب الدفاعية، حيث قال: “بين الحين والآخر نترك بعض المساحات الشاغرة، وعلينا العمل على تصحيح ذلك. سنرى مع المدرب نقاط ضعفنا ونفهم أين يجب التحسن”.
قصة صعود مهدي دورفال تُعد نموذجًا للإصرار والعمل المتواصل. وُلد يوم 9 فبراير 2001 في فرنسا من أب ينحدر من جزر ريونيون الفرنسية وأم جزائرية. بدأ مسيرته في فرنسا مع نادي أوبرفيل في الدرجة الخامسة، قبل أن يشد الرحال إلى إيطاليا في صيف 2021، حيث لعب مع نادي فاسانو في الدرجة الرابعة، ثم نادي سيرنيولا في الدرجة الثالثة، وصولًا إلى باري في الدرجة الثانية.
انضمامه إلى باري صيف 2022 مثّل قفزة نوعية في مسيرته، حيث وقّع عقدًا لمدة ثلاث سنوات، لكن أداؤه المميز دفع إدارة النادي إلى تمديد العقد حتى يونيو 2026، في خطوة تُظهر الثقة الكبيرة التي يحظى بها من قبل إدارة الفريق.
في الموسم الحالي، واصل دورفال تألقه ليصل إلى 7 مساهمات تهديفية في 15 مباراة في الدوري (4 أهداف و3 تمريرات حاسمة). هذه الأرقام جعلت منه أحد أعمدة الفريق الأساسية وأحد أبرز مفاتيح اللعب في خطة المدرب 3-4-3.
تألق مهدي دورفال لم يمر دون أن يلفت أنظار المتابعين في الجزائر، حيث يرى كثيرون أنه قد يكون أحد الأوراق التكتيكية المهمة التي يمكن أن يستفيد منها المدير الفني لمنتخب الجزائر، فلاديمير بيتكوفيتش. قدرة دورفال على اللعب في مراكز مختلفة على اليمين واليسار، سواء في الشق الدفاعي كظهير أو في الشق الهجومي كجناح، تجعله خيارًا مثاليًا في الأوقات الصعبة التي تحتاج إلى حلول متنوعة.
تعدد المراكز ليس الأمر الوحيد الذي يميّز دورفال، فإجادته اللعب بكلتا القدمين تضيف إلى قيمته كلاعب جوكر يمكنه تغيير نسق المباريات، سواء عبر تمريراته الحاسمة أو أهدافه المؤثرة.
في ظل المستويات التي يقدمها مهدي دورفال مع باري، يبدو أن مسألة صعوده إلى دوري الدرجة الأولى “السيري آ” ليست سوى مسألة وقت، سواء مع باري أو عبر انتقاله إلى نادٍ آخر. اهتمام الأندية الكبرى في إيطاليا بمراقبة اللاعب بات أمرًا متوقعًا، خاصة مع بروز اسمه كمرشح للانضمام إلى أندية “السيري آ” خلال فترات الانتقالات المقبلة.
دورفال، الذي كانت بدايته المتواضعة في الدرجات الدنيا، أصبح الآن أحد اللاعبين الذين يُشار إليهم بالبنان في “السيري بي”، وأحد أبرز النجوم الذين تتابعهم الجماهير الجزائرية بشغف، في انتظار رؤية “مارسيلو الجزائر” يرتدي قميص المنتخب الوطني يومًا ما.