تشهد مدن مغربية منذ أسابيع احتجاجات واسعة تقودها فئة الشباب المعروفة بـ”جيل Z”، حيث خرج الآلاف إلى الشوارع رافعين شعارات تطالب الحكومة بالتركيز على الأولويات الاجتماعية من صحة وتعليم وفرص عمل، بدلاً من تخصيص ميزانيات ضخمة لتحضيرات كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
ويرى المحتجون أن تنظيم هذه البطولات لا يعكس حاجيات المواطن البسيط، بل يزيد من معاناته في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع مستوى الخدمات الأساسية. كما رفعوا لافتات تُطالب صراحة بوقف المشاريع المرتبطة بالملاعب والمنشآت الرياضية، وتوجيه تلك الأموال نحو إصلاح المستشفيات وتطوير المدارس وخلق فرص عمل للشباب العاطل عن العمل.
ويعتبر متابعون أن هذه الاحتجاجات غير المسبوقة قد تُلقي بظلالها على استعدادات المغرب لاحتضان كأس أمم إفريقيا المقبلة، بل وحتى على الملف المشترك لتنظيم كأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال. فالمطالب الشعبية باتت تُشكك في جدوى الاستمرار في إنفاق مليارات الدراهم، التي جرى توفير جزء كبير منها عن طريق قروض من صندوق النقد الدولي، على ما يصفه المحتجون بـ”البهرجة الرياضية”، في وقت يواجه فيه المواطن المغربي صعوبات يومية متزايدة.
الحكومة المغربية تجد نفسها اليوم أمام ضغط شعبي متنامٍ، إذ لم يعد الشارع مقتنعاً بالخطاب الرسمي الذي يربط التنظيمات الرياضية الكبرى بالتنمية الاقتصادية. على العكس، يرى المحتجون أن تلك الأموال تُهدر على حساب حقوق أساسية تمس حياة المواطن بشكل مباشر.
ويرجّح مراقبون أن استمرار هذه الموجة الاحتجاجية قد يُجبر السلطات على مراجعة التزاماتها تجاه الاتحاد الإفريقي والفيفا، خاصة مع تصاعد الأصوات التي تعتبر أن الشرعية الاجتماعية أولى من أي التزام تنظيمي خارجي. وفي ظل هذا المشهد، يبقى مستقبل تنظيم كأس أمم إفريقيا 2025 في المغرب على المحك، مع إمكانية أن يتعزز خيار الإلغاء أو البحث عن بدائل إذا ما استمرت الأزمة.