قبل أيام قليلة من انطلاق كأس أمم إفريقيا 2025، تكشف الأرقام والاختيارات الفنية عن تغيّر تدريجي لكنه عميق في المشهد التقني لكرة القدم الإفريقية. فمن بين 24 منتخبًا متأهلًا إلى النهائيات، أسندت 14 مهمة القيادة الفنية إلى مدربين أفارقة، مقابل 10 فقط لمدربين أوروبيين أو من أميركا الجنوبية، في معطى يعكس تحوّلًا استراتيجيًا أكثر منه ظرفيًا.
هذا التحوّل لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مسار بدأ يتشكّل منذ سنوات، وتحديدًا منذ نسخة 2017، حين كانت الثقة في المدرب المحلي محدودة وتغلب عليها النزعة الرمزية. اليوم، بات الاختيار قائمًا على الكفاءة والاستمرارية والمعرفة الدقيقة بالبيئة الكروية الإفريقية، سواء على مستوى اللاعب أو المنافسات أو الضغط الجماهيري.
وساهمت تجارب ناجحة في ترسيخ هذا التوجّه، أبرزها ما حققه المنتخب الجزائري مع جمال بلماضي سنة 2019 بتحقيقه للتاج الإفريقي وما حققه المنتخب المغربي تحت قيادة وليد الركراكي، حين بلغ نصف نهائي مونديال 2022، في إنجاز تجاوز الإطار القاري وفتح الباب واسعًا أمام إعادة تقييم صورة المدرب الإفريقي على الساحة الدولية. كما عززت تجارب أخرى هذه القناعة، على غرار تتويج كوت ديفوار مع إيمرس فاي، والنجاحات السابقة التي حققها أليو سيسي مع السنغال.
نسخة 2025 تؤكد أن الرهان لم يعد مقتصرًا على أسماء تاريخية أو لاعبين سابقين فقط، بل شمل مدربين محليين تكونوا داخل منظوماتهم الوطنية. فالسنغال تخوض البطولة بقيادة بابي ثياو، والكاميرون مع ديفيد باجو، والغابون مع ثييري مويوما، في دلالة على انتقال الثقة من جيل إلى آخر داخل القارة.
وفي المقابل، لا يزال الحضور الأجنبي قائمًا، لكن دون الهيمنة التي ميزت نسخًا سابقة. أسماء معروفة بخبرتها الإفريقية تواصل الظهور، مثل جيرنوت روهر مع بنين، وهوجو بروس مع جنوب إفريقيا، وسباستيان ديسابر مع الكونغو الديمقراطية، إضافة إلى باتريس بوميل مع أنغولا وتوم سانتفييت مع مالي.
وتضم القائمة الكاملة للمدربين في كأس أمم إفريقيا 2025 المغرب – وليد الركراكي، مالي – توم سانتفييت، زامبيا – موسيس سيتشوني، جزر القمر – ستيفانو كوزين، مصر – حسام حسن، جنوب إفريقيا – هوجو بروس، أنغولا – باتريس بوميل، زيمبابوي – ماريو مارينيكا، نيجيريا – إريك شيل، تونس – سامي الطرابلسي، أوغندا – بول بوت، تنزانيا – ميغيل جاموندي، السنغال – بابي ثياو، الكونغو الديمقراطية – سباستيان ديسابر، بنين – جيرنوت روهر، بوتسوانا – مورينا راموريبولي، الجزائر – فلاديمير بيتكوفيتش، بوركينا فاسو – براما تراوري، غينيا الاستوائية – خوان ميكا، السودان – كيسي أبياه، كوت ديفوار – إيمرس فاي، الكاميرون – ديفيد باجو، الغابون – ثييري مويوما، موزمبيق – تشيكينيو كوندي.
كل هذه المؤشرات تؤكد أن كأس أمم إفريقيا 2025 لن تكون مجرد بطولة للتنافس الرياضي، بل محطة إضافية لقياس مدى ترسخ التحوّل نحو مدرب إفريقي بات اليوم خيارًا مهنيًا موثوقًا، لا حلًا مؤقتًا ولا مجازفة محسوبة.

