تشهد البطولة الجزائرية هذا الصيف ديناميكية غير معهودة، حيث انطلقت فرق النخبة في تحضيراتها للموسم الجديد بشكل مبكر وواضح، في خطوة تعكس جدية غير مسبوقة ورغبة حقيقية في رفع مستوى المنافسة، أندية مثل اتحاد العاصمة، وفاق سطيف، شباب قسنطينة، مولودية الجزائر، شباب بلوزداد، اولمبيك اقبو إضافةً إلى الوافدين الجديدين مستقبل الرويسات ونجم بن عكنون، دخلت مرحلة الإعداد البدني والتقني قبل المعتاد بأسابيع، وكأنها تدرك أنّ البطولة المقبلة لن تكون عادية بأي حال.
ما يميّز هذه التحضيرات أنّها تختلف جذريًا عن المواسم السابقة،في الماضي، كانت أغلب الفرق تعتمد على التعاقد مع أسماء لامعة أو لاعبين دوليين من أجل رفع أسهمها جماهيريًا وإرضاء مطالب الأنصار. أما هذا الصيف، فقد غابت الصفقات الكبرى، وحلّت مكانها استراتيجية واضحة تقوم على استقدام مواهب شابة ذات إمكانات واعدة، هذه السياسة تعكس تحوّلًا في عقلية الأندية التي باتت تبحث عن الاستثمار طويل المدى وبناء فرق متماسكة، بدلاً من التركيز على حلول آنية قد لا تدوم.
المعسكرات التحضيرية هذه السنة ظهرت أكثر تنظيمًا، حيث تضمنت برامج بدنية صارمة، وحصصًا تكتيكية مكثفة، بالإضافة إلى مباريات ودية مخطط لها بعناية من أجل رفع الجاهزية تدريجيًا، هذا الانضباط لم يكن سمة عامة في مواسم سابقة، وهو ما جعل الشارع الكروي الجزائري يتساءل.. هل نشهد بداية مرحلة جديدة تُقلّص الفوارق التقليدية بين كبار البطولة والفرق الصاعدة حديثًا؟
الفرق الكبيرة ستسعى بالتأكيد للحفاظ على هيبتها وخبرتها، لكن الأندية الوافدة مثل مستقبل الرويسات ونجم بن عكنون تبدو عازمة على عدم لعب دور الكومبارس، فإطلاقها لمعسكراتها باكرًا، وتعاقداتها المركزة على لاعبين شباب، يوحي بأنها تخطط لمفاجآت وربما لتغيير خريطة المنافسة في وقت قصير.
ومع كل هذه المعطيات، يبقى السؤال الأساسي مطروحًا: هل سنكون أمام موسم استثنائي فعلاً؟ هل ستتمكن هذه التحضيرات المبكرة، والرهان على الطاقات الجديدة، من إحداث قفزة نوعية في مستوى البطولة؟ أم أنّ الخبرة ستظل الفيصل، وسيبقى الكبار يفرضون منطقهم كما اعتادوا؟
الميدان وحده سيحسم الجدل، المؤكد أنّنا أمام بداية مختلفة قد تعلن ولادة موسم غير تقليدي، إما يفتح الباب أمام مفاجآت تاريخية، أو يعيد إنتاج نفس السيناريوهات التي عرفتها الكرة الجزائرية في العقد الأخير.
