في وقت كانت فيه كل العوامل ضدّهن، وسط أرضٍ لا ترحب بهن ولا تنصفهن، خرجت سيدات الجزائر من رحم المعاناة، ومن قلب العواصف، ليصنعن أكبر إنجاز في تاريخ المنتخب الوطني للسيدات
في بطولة أرادها البعض ساحة لإسقاط معنوياتهن، فجعلوها مسرحًا للتضييق، للضغط، وللإهانة… لكن الرد كان في الميدان، وكانت الإجابة: نحن حرائر الجزائر… لا نُقهر.
كل شيء بدأ من هناك، من أول حصة تدريبية، من أول اجتماع تقني، من أول عرق سُكب في معسكر تحضيري ساده الانضباط، تغذّيه العزيمة ويقوده الطموح،
لم تكن الطريق مفروشة بالورود، لا دعم إعلامي كبير، لا تغطية محترفة، ولا حتى موارد لوجيستية كاملة، لكن كان هناك شيء واحد لا يُشترى ولا يُصنّع.. الإيمان بالقميص.
دخلت سيدات الخضر غمار كأس إفريقيا وهنّ يحملن على أكتافهن أكثر من مجرد آمال كروية. واجهن منتخبات من مدارس مختلفة، بوتسوانا بتكتيكها البدني، تونس بجوارحها الكلاسيكية، ونيجيريا بخبرتها القارية المرعبة.
لكن في كل مواجهة، لم تُقِم الجزائريات اعتبارًا للأسماء ولا للتاريخ، بل فرضن احترامهن فوق الميدان. التزام تكتيكي، ضغط مستمر، ولعب جماعي متكامل… عناصر حوّلن بها الضغط إلى وقود، والخوف إلى حافز.
ووسط كل محاولات التشويش والتشكيك، لم يكن الصمت هو الرد، بل كانت النتيجة هي الجواب.
إنه التأهل التاريخي إلى ربع نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات، لأول مرة منذ تأسيس المنتخب
تأهل لم يتحقق بالحظ ولا بالمجاملات، بل بنَفَس طويل، بقلوب لا تعرف الاستسلام، وبروح جزائرية خالصة رفضت أن تخرج من الباب الخلفي،
بين صافرة البداية وصافرة النهاية، لم تكن هناك مجرد تسعين دقيقة.
كانت هناك قصة نضال، قصة صمود، قصة بنات كتبن أسماءهن في سجل الشرف الوطني
قصة تؤكد أن الجزائر، حين تثق في نسائها، تصعد، وتُبدع، وتنتصر
ما حدث في المغرب ليس مجرد تأهل
بل رسالة واضحة لكل من حاول أن يُهمّش أو يُسقِط أو يُخرس
رسالة من حرائر الجزائر إلى كل من راهن على سقوطهن
نحن لا نلعب فقط… نحن نُقاتل، نحن نُؤمن، نحن نصنع المجد
وإن سكتت الكاميرات، لن يسكت التاريخ
وإن خفتت الأصوات، سيبقى صدى ربع النهائي يُدوّي في وجه المشكّكين
الجزائر لا تُقاس بالضجيج… بل تُقاس بالفعل
وسيدات الجزائر فعلنها… كما لم يفعلها أي جيل من قبلهن