يدخل المنتخب الوطني الجزائري، غمار الجولتين السابعة والثامنة من تصفيات كأس العالم 2026 وسط أزمة متواصلة في خط الدفاع، وهو الهاجس الأكبر الذي يؤرق المدرب فلاديمير بيتكوفيتش منذ توليه العارضة الفنية في مارس 2024. ورغم محاولاته المستمرة لإيجاد التوليفة المناسبة، إلا أن الخط الخلفي ظلّ الحلقة الأضعف في كتيبة “الخضر”، حيث استقبل المنتخب 16 هدفا في 16 مباراة، أي بمعدل هدف في كل لقاء، وهو رقم ينذر بمشاكل أكبر في الاستحقاقات المقبلة.
بيتكوفيتش يجد نفسه هذه المرة أمام ضربة موجعة، بعد تأكد غياب أربعة مدافعين عن مواجهتي بوتسوانا وغينيا: صهيب ناير الذي يعاني من إصابة في الكاحل ستبعده ثلاثة أشهر، محمد فارسي الذي غاب عن المنافسة بسبب إصابة في الحوض، محمد الأمين مداني الذي خضع لعملية جراحية على مستوى المعصم، وأخيرا ريان آيت نوري الذي تعرض لالتواء في الكاحل سيبعده لأسابيع. هذه الغيابات تعمّق من أزمة مدرب لم ينجح أصلا في تثبيت خط دفاع قوي حتى مع تواجد الأسماء الأساسية.
ولم يتمكن المنتخب الوطني منذ سنوات من إيجاد محور دفاعي متجانس، ورغم اعتماد المدربَين المتعاقبَين على ثنائية عيسى ماندي – رامي بن سبعيني، إلا أن النتائج أثبتت محدوديتها، خصوصا في المنافسات الكبرى. ماندي، الذي لم يلعب أي دقيقة منذ بداية الموسم مع فريقه، يواجه انتقادات واسعة بسبب كثرة أخطائه وتقدمه في السن، بينما بن سبعيني لم ينجح في تقديم الإضافة المرجوة على مستوى الصلابة الدفاعية، سواء مع ناديه دورتموند أو بألوان “الخضر”.
الخيارات أمام بيتكوفيتش تبدو محدودة، إذ يظل مدافع باناثينايكوس أحمد توبة أبرز المرشحين للعودة، إلى جانب بعض الأسماء المحلية كما يطفو على السطح اسم زين الدين بلعيد الذي استدعاه جمال بلماضي سابقا قبل تجربة أوروبية لم يُكتب لها النجاح، ليعود اليوم إلى البطولة المحلية من بوابة شبيبة القبائل. ورغم معاناته من نقص المنافسة، إلا أنه يبقى من أبرز الحلول المتاحة حاليا. أما جوان حجام فيعتبر من الأسماء الأكثر جاهزية، في حين أن توقاي لم يبرهن بعد عن إمكانياته رغم مشاركاته العديدة مع المنتخب.
الهشاشة الدفاعية السمة الابرز في عهد بيتكوفيتش
الأرقام تؤكد هشاشة واضحة في المنظومة الدفاعية: 16 هدفا في 16 مباراة تحت قيادة بيتكوفيتش، وهو معدل ثقيل لا يليق بمنتخب يبحث عن التتويج في كأس إفريقيا والمنافسة بقوة على بطاقة المونديال. وإذا كانت بعض الانتصارات في التصفيات قد غطت مؤقتا على هذه المشاكل أمام منتخبات متواضعة، فإن الحقيقة تظهر جلية عند مواجهة المنتخبات القوية، كما حدث أمام السويد وخصوصًا في نسختي كأس إفريقيا 2021 و2023، حين كان الدفاع هو نقطة الانكسار التي تسببت في الخروج المبكر.
وسيكشف بيتكوفيتش عن قائمته يوم الخميس المقبل في ندوة صحفية بقاعة المؤتمرات “محمد صلاح” بملعب نيلسون مانديلا ببراقي، تحضيرا لمواجهة بوتسوانا (4 سبتمبر بتيزي وزو) وغينيا (8 سبتمبر بالدار البيضاء المغربية). الشارع الكروي الجزائري يترقب هذه القائمة بترقب وحذر، في انتظار ما إذا كان المدرب سيغامر بوجوه جديدة في الدفاع، أم سيواصل الاعتماد على نفس الأسماء التي أثبتت التجارب محدوديتها في المواعيد الكبرى.
السؤال الكبير يبقى مطروحا: من سيقود دفاع المنتخب الوطني في المرحلة المقبلة؟ وهل سيجرؤ بيتكوفيتش على قلب المعادلة والرهان على دماء جديدة، أم يواصل منح الثقة لمدافعين لم يقدموا الضمانات المطلوبة؟