لم يكن أكثر المتفائلين يتوقّع أن يصبح الجزائري أنيس حاج موسى حديث الصحافة الأوروبية والهولندية في هذا التوقيت القياسي، ولا أن يحظى بإشادة من أسطورة بحجم ماركو فان باستن، الذي وصفه صراحة بأنه “أفضل لاعب في الدوري الهولندي حاليًا”. هذه الكلمات لم تصدر من محلل عادي أو مشجع متحمّس، بل من أحد أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، وهو ما زاد من تسليط الأضواء على اللاعب البالغ من العمر 22 عامًا.
بدأت مسيرة حاج موسى كلاعب غير معروف في دوري الدرجة الثانية البلجيكي، حيث كان يلعب لفريق متواضع ودون صفة “لاعب محترف” حقيقي. لكن في يناير الماضي، قلبت وجهته نحو هولندا مسار حياته، حيث انضم إلى نادي فيتيس أرنهيم، قبل أن يخطف الأنظار سريعًا ويوقع مع العملاق الهولندي فينورد الصيف الماضي في صفقة بلغت قيمتها 3.5 ملايين يورو، مع عقد يمتد حتى يونيو 2029.
رغم البداية المتواضعة للموسم، حيث وجد نفسه في مقاعد البدلاء، إلا أن الفرصة الذهبية سنحت له الشهر الماضي حين منحه المدرب ثقته كلاعب أساسي. ولم يكن حاج موسى بحاجة إلى وقت طويل لإثبات قدراته، حيث خطف الأنظار بأدائه المذهل، سواء في الدوري المحلي أو في مسابقة دوري أبطال أوروبا. سرعة، مهارة، مراوغات خارقة، وقدرة استثنائية على كسر الخطوط الدفاعية، كلها ميزات جعلت الإعلام الهولندي والأوروبي يتسابق على وصفه بـ”الظاهرة الجديدة”.
هذا التألق لم يمر مرور الكرام على الأندية الأوروبية الكبرى، إذ تشير تقارير صحفية إلى اهتمام أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، وعلى رأسها مانشستر سيتي، بخدماته. ارتفاع الطلب على موهبة حاج موسى انعكس بشكل مباشر على قيمته السوقية، التي قفزت من 3.5 ملايين يورو إلى 12 مليون يورو في فترة قصيرة، وهو رقم مرشح للزيادة مع استمرار عروضه القوية.
لكن ما زاد من زخم هذا الصعود الكبير كان تصريح ماركو فان باستن، الذي اختاره كأفضل لاعب في الدوري الهولندي حاليًا. خلال حديثه في برنامج تلفزيوني على قناة “زيغو سبورت”، قال فان باستن: “يجب أن أقول إنه حاج موسى. أعتقد أنه جيّد بشكل مدهش ومن الممتع مشاهدته.” ولم يتوقف عند ذلك، بل قارن أداءه بنجم آيندهوفن نوا لانغ، معتبرًا أن الثنائي يقومان بأشياء “مميزة للغاية” في الملاعب الهولندية.
هذا الإطراء لم يكن سوى تتويج لمسيرة عمل شاق وحلم لم يفارقه رغم الصعوبات. حاج موسى الذي كان مغمورًا قبل أشهر، أصبح الآن النجم الأول في الدوري الهولندي. وسرعان ما بدأت المقارنات تنهال عليه، حيث يرى كثيرون أن أسلوب لعبه يشبه إلى حد بعيد أسلوب النجم الجزائري رياض محرز. تشابه واضح في طريقة المراوغة، المهارات الفردية، والقدرة على خلق الفرص من العدم، وهو ما جعل الكثيرين يصفونه بأنه “نسخة جديدة من محرز”.
الطموحات بالنسبة لحاج موسى لم تعد تقتصر على التألق في الدوري الهولندي فقط، بل باتت الصحف تلمّح إلى احتمال انتقاله قريبًا إلى واحد من الأندية الكبرى في أوروبا، خاصة مع متابعة أندية الدوري الإنجليزي الممتاز له. وقد تكون مشاركاته في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم الفرصة المثالية لتأكيد إمكانياته في أرفع المنافسات الأوروبية.
كلمات فان باستن ستبقى محفورة في ذاكرة اللاعب الجزائري، لكنها في الوقت نفسه ستزيد الضغط عليه لمواصلة تقديم الأداء المذهل ذاته. الجميع اليوم يراقب “ظاهرة فينورد”، والكل ينتظر أن تكون محطته القادمة في دوري أكبر وأقوى. ومع اهتمام مانشستر سيتي وغيره من الأندية الكبرى، قد يكون حاج موسى على أعتاب مرحلة جديدة من مسيرته، مرحلة تبدأ بالكثير من الإشادات لكنها لن تنتهي إلا بإثبات نفسه بين الكبار.