يعد منتخب مصر أحد الأعمدة التاريخية لكأس الأمم الإفريقية بل يمكن إعتباره المنتخب الأكثر إرتباطا بالبطولة منذ نشأتها. فمنذ النسخة الأولى سنة 1957 كان منتخب الفراعنة حاضرا بقوة في المشهد القاري ومشاركا في أغلب الدورات وصانعا لأبرز محطات المجد في تاريخ المسابقة.
إنطلاقة من القمة:
دخل المنتخب المصري تاريخ البطولة من أوسع أبوابه حين توج بلقب النسخة الأولى عام 1957 قبل أن يؤكد تفوقه بإحراز اللقب الثاني تواليا في دورة 1959. هذا الإنطلاق المثالي وضع مصر مبكرا في موقع القوة ورسخ صورتها كمنتخب مرجعي في القارة الإفريقية.
بعد ذلك واصل الفراعنة حضورهم القوي خلال الستينيات حيث بلغوا النهائي عام 1962 وإحتلوا المركز الثالث في نسخة 1963 ليظل المنتخب ضمن دائرة المنافسة في أغلب النسخ الأولى للبطولة.
تتويجات متفرقة وحضور دائم:
بعد فترة من المنافسة دون ألقاب عاد المنتخب المصري إلى منصة التتويج عام 1986 عندما إحتضنت مصر البطولة ونجحت في إحراز لقبها الثالث في دورة عرفت إلتفافا جماهيريا كبيرا وأعادت الإعتبار للكرة المصرية على الصعيد القاري. غير أن الفترة الممتدة من أواخر الثمانينيات إلى منتصف التسعينيات شهدت تراجعا نسبيا في النتائج حيث غاب المنتخب عن الأدوار النهائية في عدة نسخ متتالية قبل أن يستعيد بريقه مجددا في بطولة 1998 ويحرز لقبه الرابع مؤكدا قدرته على العودة مهما طالت فترات الغياب عن التتويج.
العصر الذهبي غير المسبوق:
بلغت الكرة المصرية ذروة مجدها في العقد الأول من الألفية الجديدة حين دخل المنتخب مرحلة هيمنة تاريخية غير مسبوقة توج خلالها بثلاثة ألقاب متتالية أعوام 2006، 2008 و 2010.
هذه الثلاثية وضعت مصر في موقع فريد داخل القارة كأول منتخب يحقق هذا الإنجاز ورفعت رصيد ألقابه إلى سبعة ألقاب وهو رقم قياسي لا يزال صامدا حتى اليوم ويجعل من الفراعنة المنتخب الأكثر تتويجا بكأس الأمم الإفريقية.
فترة الغياب ثم العودة:
بعد سنوات السيطرة عرف المنتخب المصري واحدة من أصعب فتراته حيث فشل في التأهل لثلاث نسخ متتالية بين 2012,2013,2015 في غياب نادر عن البطولة بالنسبة لمنتخب إعتاد الحضور المستمر.
غير أن العودة لم تتأخر كثيرا إذ عاد الفراعنة بقوة في نسخة 2017 وبلغوا المباراة النهائية لكنهم إكتفوا بالمركز الثاني عقب الخسارة أمام الكاميرون. وفي 2019 حين نظمت مصر الدورة التي فاز بها المنتخب الجزائري، إنسحبت بشكل مفاجئ على يد جنوب إفريقيا في الدور الثمن النهائي. وعادت 2022 لتصل الى النهائي وتنهزم أمام السنغال بركلات الترجيح ثم في دورة كوت ديفوار 2024 خرجت من الدور السادس عشر.
مشوار مصر في آخر نسخة من الكان:
شهدت مشاركة منتخب مصر في كأس الأمم الإفريقية الأخيرة (كوت ديفوار 2023) مسارا فاشلا بالنسبة لإنتظارات الفراعنة حيث إكتفوا بالتعادل في جميع مباريات دور المجموعات بعدما إستهل المنتخب مشواره بتعادل 2-2 أمام موزمبيق قبل أن يكرر النتيجة ذاتها في المباراة الثانية أمام غانا ثم أنهى الدور الأول بتعادل ثالث 2-2 أمام الرأس الأخضر. وهذا ما مكن مصر من بلوغ الدور ثمن النهائي غير أن الرحلة توقفت عند هذا الحد بعد الخسارة أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية بركلات الترجيح عقب إنتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1-1 في نسخة تأثرت فيها نتائج المنتخب بعوامل فنية وبدنية أبرزها الإصابات التي ضربت صفوفه خلال البطولة.
مكانة ثابتة في تاريخ الكان:
بمشاركات قاربت 27 وألقاب قياسية وظهور متكرر في الأدوار النهائية، يبقى منتخب مصر أحد أعمدة كأس الأمم الإفريقية ورقما صعبا في كل نسخة يشارك فيها مهما إختلفت الأجيال أو تبدلت الظروف.

