من أعماق أحياء العاصمة الجزائرية، بزغت اليوم صورة صنعت الحدث وتجاوزت كل التوقعات… أنصار اتحاد العاصمة وشباب بلوزداد، كلٌّ منهم يرفع راية فريقه بفخر، لكن في مشهدٍ يجمع بينهما الاحترام وروح التعايش الكروي. لقطة نادرة وراقية، تمنّى الجزائريون أن تصبح قاعدة وليس استثناء، وتُكتب بحروف من ذهب في سجلّ الملاعب الجزائرية.
مع اقتراب موعد النهائي الكبير لكأس الجزائر، الذي سيجمع بين عملاقي العاصمة اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد، عجّت الأحياء العاصمية بالحماس والألوان والأنغام. غير أن ما لفت الانتباه اليوم، لم يكن فقط حجم الاستعدادات ولا كثافة الجماهير، بل صورة راقية حملت أبعادًا أعمق من كرة القدم.
أنصار الفريقين قاموا بتزيين الأحياء والأزقة براياتهم، حيث وُضعت أعلام الأحمر والأسود إلى جانب الأحمر والأبيض، دون أي استفزاز أو احتكاك. كل طرف عبّر عن انتمائه، وكل مشجع شجّع بطريقته، لكن الإطار العام بقي موحدًا: الاحترام والتقدير المتبادل.
تداولت مواقع التواصل هذه الصور بكثير من الفخر، واعتبرها كثيرون نموذجًا حضاريًا نادرًا، بل وأشاد بها لاعبو سابقون ومحللون رياضيون، مؤكدين أن وعي الجماهير بدأ يعرف تحوّلاً إيجابيًا يستحق التثمين والدعم.
حتى الإعلام الأجنبي التفت إلى المشهد، واعتبره دليلًا على أن الكرة الجزائرية، رغم التحديات، لا تزال تملك قاعدة جماهيرية ناضجة قادرة على صناعة الفارق متى توفرت الإرادة.
في زمن تُشوّه فيه صورة الملاعب أحيانًا بأحداث لا تمت للرياضة بصلة، جاءت هذه الصورة من قلب العاصمة لتُذكّرنا بالمعنى الحقيقي لكرة القدم: التنافس النزيه، والاحترام، والانتماء النظيف. ما فعله أنصار الاتحاد والشباب اليوم لا يُقاس بنتيجة مباراة، بل يُقاس بمدى تأثيره على وعي الأجيال القادمة.
لعلها بداية لثقافة كروية جديدة، حيث لا يُرفع العلم فقط فوق المدرجات، بل يُرفع أيضًا في القلوب والعقول.
