تتّجه أنظار عشاق الكرة الإفريقية والعالمية، سهرة اليوم الأحد، نحو مواجهة لا تشبه سوى المباريات التي تكتب تفاصيلها في الذاكرة… مباراة النهائي الإفريقي المؤهل إلى الملحق العالمي لكأس العالم 2026، حيث يتقابل منتخبا نيجيريا و جمهورية الكونغو الديمقراطية في صدام لا يمنح بطاقة العبور مباشرة، لكنه يفتح بابا ضيقا يقود إلى الحلم الأكبر عبر ملحق “الفيفا” المقرر في مارس المقبل.
وتنطلق المواجهة عند الساعة 20:00 بتوقيت الجزائر، وسط مناخ مشحون بالطموح والتوتر، وإحساس بأن تفاصيل صغيرة قد تغيّر مستقبلا بأكمله.
نيجيريا… من خيبة البداية إلى صراع البقاء
دخلت نيجيريا مسار التصفيات وهي المرشح الطبيعي لانتزاع بطاقة المونديال، لكنها وجدت نفسها في وضع لم تعتده:
أربع جولات دون أي فوز، انتقادات محلية واسعة واهتزاز فني واضح.
قبل أن يتدخل الاتحاد المحلي ويسند القيادة للمدرب السابق للحمراوة إريك شال.
التغيير أعاد الروح للنسور، وجاء تعديل “الفيفا” لنظام التأهل ليمنحهم فرصة أخيرة للعودة إلى السباق.
وفي نصف النهائي، عاش النيجيريون مباراة عصيبة أمام الغابون، انتهت بالتعادل في الوقت الأصلي قبل أن يُنهيها النسور في الأشواط الإضافية 4–1 بقيادة المتألق فيكتور أوسيمين الذي وقّع ثنائية حاسمة.
فوز أنقذ موسما كاملا، وأعاد نيجيريا إلى الواجهة قبل موقعة الحقيقة.
الكونغو الديمقراطية… حلم العودة إلى المونديال بعد نصف قرن
على الجانب الآخر، تبدو الكونغو الديمقراطية بقيادة الفرنسي سيباستيان ديسابر أحد أكثر المنتخبات تطورا في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة. ورغم دخولها نصف النهائي كطرف “أقل ترشيحا”، إلا أنها فاجأت الجميع بإقصاء الكاميرون بهدف قاتل من القائد شانسيل مبيمبا في الوقت الإضافي.
ذلك الفوز لم يكن صدفة، بل امتدادا لمسار صاعد منذ وصول ديسابر سنة 2022، حيث بنى منتخبا متماسكا وصل إلى نصف نهائي كأس إفريقيا 2024 واحتل المركز الرابع، مؤكدا عودة كينشاسا إلى الواجهة القارية.
في تصفيات مونديال 2026، قدّم “الفهود” مستويات رائعة وتصدّروا مجموعتهم نظريا من حيث النقاط والأداء، لكن وجودهم مع السنغال أحد أفضل منتخبات إفريقيا حرمهم من التأهل المباشر بفارق بسيط.
وتحمل الكونغو الديمقراطية إرثا ثقيلا، فقد عرفت عبر تاريخها أسماء عديدة: الكونغو، الكونغو-ليوبولدفيل، الكونغو-كينشاسا، وزائير… وعلى مدار كل تلك الفترات لم تشارك في كأس العالم سوى مرة واحدة سنة 1974. واليوم، وبعد مرور 50 عاما، يحلم الجيل الحالي بإحياء ذلك المجد الغائب.
مواجهة رسمية أولى… صدام نجوم وأعصاب
رغم ثراء تاريخ المنتخبين، ستكون مباراة اليوم أول مواجهة رسمية بينهما، بعد ست مباريات ودية سابقة رجّحت الكفة قليلا نحو الكونغوليين.
ميدان اللعب سيشهد صراعا مباشرا بين أسماء لامعة:
نيجيريا: أوسيمين – لوكمان – آكور آدامز
الكونغو الديمقراطية: باكامبو – مبيمبا – مبوتو
مواجهة تجمع قوة هجومية عالية، وضغطا نفسيا هائلا، وركلات جزاء محتملة… وربما أخطاء من لاعب فقد التركيز لثانية واحدة فقط.
الملحق العالمي… اختبار أصعب من النهائي
الفائز الليلة سيمثل إفريقيا في ملحق عالمي يضم ستة منتخبات، من بينها:
– ممثل آسيا (إما الإمارات أو العراق)
– بوليفيا
– كاليدونيا الجديدة
– منتخبين من الكونكاكاف
وفق التصنيف الدولي الحالي، تبدو نيجيريا مرشحة للحصول على أفضلية “الوصول المباشر” إلى نهائي الملحق، بينما قد تجد الكونغو نفسها مطالبة بخوض مباراة إضافية.
لكن في النهاية… لا شيء مضمون.
ليلة التاريخ… من يواصل الطريق نحو المونديال؟
تتويج سنوات من العمل، وتصحيح مسار التصفيات، والتعلّم من السقوط… كلها عوامل ستختزلها 90 دقيقة (وربما أكثر).
نيجيريا تبحث عن تأكيد مكانتها كقوة قارية ثابتة في كأس العالم.
والكونغو الديمقراطية تريد العودة إلى المسرح الأكبر بعد غياب دام 50 عاما.
وعندما تطلق صافرة البداية، ستتلاشى الحسابات، ولن يبقى سوى حقيقة واحدة:
منتخب واحد فقط سيواصل الطريق نحو نهائيات كأس العالم 2026.
