قبل بداية كل موسم رياضي جديد ، وتزامنا مع فتح باب الميركاتو الصيفي ، تسارع الأندية الجزائرية إلى تدعيم صفوفها بلاعبين جدد ، بهدف سد الشغورات في المراكز التي تشهد نقصا في تعداد كل فريق ، وتشمل التعاقدات لاعبين محليين و آخرين أجانب، و بالنظر إلى محدودية السوق الداخلية ، فإن الأندية الجزائرية تجد ضالتها في اللاعبين الأجانب ،خاصة بعد قرار الإتحادية الجزائرية لكرة القدم، بزيادة عدد الأجانب المسموح بتسجيلهم من 3 إلى 5 لاعبين ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما مدى جدوى إنتداب اللاعب الأجنبي ؟ وهل إستفادت الأندية المحلية من إستقدام لاعبين أجانب من الناحية الفنية أو من الجانب المادي في صورة التفريط فيهم إلى أندية أخرى ؟.
مايلاحظ أنه وطيلة عقود من السنين ، وخلال الميركاتو الصيفي أو الشتوي ، تسعى كل الأندية الجزائرية للرابطة المحترفة الأولى إلى إستقدام لاعبين أجانب ، بحثا عن النتائج الإيجابية ، خاصة للأندية التي تشارك في المسابقات الإفريقية، غير أن المتمعن في هذه الإنتدابات يسجل مباشرة فشل عدد كبير من اللاعبين الأجانب في الوصول إلى الهدف المنشود من إستقدامهم ، سواء كان ذلك على أرضية الميدان أو من الناحية المادية للفرق التي تعاني أصلاً ضغطا كبيرا في المداخيل و الميزانيات ، بل أن بعضهم لم يلعب حتى دقيقة مع فريقه ومع ذلك طالب بخلاصه حسب العقد الممضى مع ناديه.
وقد نجد تفسيرا أوليا لفشل اللاعبين الأجانب ضمن البطولة الجزائرية ، من صعوبة في التأقلم مع الأجواء الجديدة، أو ربما لإختلاف الثقافة واللغة ونمط الحياة مع الإختلاف في أسلوب اللعب مقارنة بالبطولات الأخرى، إلا أن كل ذلك لا يمكن أن يبرر فشل إستراتيجيات بعض الأندية التي تثقل كاهلها باستثمارات مالية كبرى،تضم رواتب اللاعبين الأجانب، ومكافآت التوقيع، ونفقات الإنتقال والإقامة وهو مايؤثر سلبًا على الميزانية العامة للنادي.
ولعل الموسم المنقضي كان مثالا حيا لفشل عدد كبير من اللاعبين المستقدمين، سواء في الميركاتو الصيفي أو الميركاتو الشتوي، فبعد أن قامت عديد الأندية المحلية بتخصيص رواتب خيالية مقدمة للاعبين أجانب، إلا أنها لم تستفد من خدمات هؤلاء المنتدبين، فمولودية الجزائر وإتحاد الجزائر وشباب بلوزداد ومولدية وهران وشبيبة القبائل أكبر مثال على ذلك ،اذ انتدب إتحاد الجزائر المهاجم السنغالي سيكو غاساما قبل أن يضطر إلى فسخ عقده وهو الذي فشل في تقديم الإضافة إلى خط هجوم الفريق صحبة المهاجم الآخر البوليفي أديلاد تيريزاس و النيجيري والي موسى علي، في المقابل فسخ نادي مولودية وهران تعاقده مع الإيفواري سيري غنوليبا صاحب الراتب الخيالي، كما قامت بفك ارتباطها بالمنتدب الغاني ماكسويل باكوه حتى قبل بداية الميركاتو الشتوي، وهو مايعني خاسرة الأندية على المستوين الرياضي والمادي، ولعل تواجد 3 أندية جزائرية ضمن أكثر 10أندية إنفاقا للصفقات في عام 2024 على المستوى الإفريقي حسب ما كشف عنه الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا ” أبرز دليل على المصاريف الكبرى للأندية في خانة الانتدابات ، إذ حل مولودية الجزائر سادسا، ثم شباب بلوزداد سابعًا، ومن بعده إتحاد العاصمة في المركز التاسع، في المقابل لم تستفد هذه الأندية وغيرها من الفرق الجزائرية لا من حيث المستوى الرياضي و لم تتمكن من إسترجاع الميزانيات التي صرفت على الإنتدابات، لتكون العقوبة الأخيرة المسلطة على نادي شباب قسنطينة ، والتي تلزمه بدفع مبلغ مالي يقدر بـ 6 ملايير و400 مليون سنتيم، لصالح اللاعب النيجيري سامسون دار غباديبو، الذي كان قد أمضى على عقد مع النادي دون أن يلعب أي دقيقة أو يسافر إلى الجزائر ، وجها آخر لفشل الأندية في إنتداب اللاعبين الأجانب من كل الجهات.
هذا من الجانب المالي ، أما من الجانب الرياضي ، فإن الملاحظ للدوري الجزائري،
يمكن له تأكيد أن إستقدام عدد من اللاعبين الأجانب لم يغير في الوضع الرياضي شيئا، حتى أن مشاركة الأجانب لم تتجاوز 30 دقيقة في أغلب المقابلات، فكيف للاعب أجنبي يتقاضى أجر أكثر من اللاعب المحلي أن يتواجد في أغلب المباريات في التشكيلة الإحتياطية لفريقه ،و غالبا ما يتم تسريحه بعد موسم واحد، فأغلبهم لاعبون مغمورون في بلدانهم، وبالتالي يبقى البحث عن المال هو سبب التحاقهم بالبطولة الوطنية، دون الأخذ بعين الاعتبار الإضافة التي يقدمونها، على عكس سنوات خلت ،أين أعطى عدد من الأجانب الكثير للبطولة الجزائرية، مثل ديالو و سيريدي و إيبوسي و دابو و إينيرامو، وغيرهم من الأسماء، التي قدمت أوراق اعتمادها بقوة في بطولتنا، ما جعلها تظفر بعقود إحترافية في الخارج، وهو مايمكن أن ينطبق على بعض الصفقات المسجلة في المواسم الأخيرة والتي سجلت نجاحا مقبولا مثل ياو أغبانيو، لاعب أولمبي الشلف، بالإضافة إلى إيريك مايو لاعب شباب بلوزداد، وباباكار سار ووالتر بواليا من شبيبة القبائل، وزوغرانا لاعب مولودية الجزائر، أو ثنائي إتحاد العاصمة، مونديكو، ومتوسط الميدان ليكونزا، ليطرح سؤال آخر متى يغير بعض مسؤولي الأندية الجزائرية إستراتيجية إنتداب اللاعبين الأجانب ، ليحقق الفريق الموازنة الصعبة بين النجاح الرياضي و الاستثمار في اللاعب عند التفويت فيه بالبيع ؟.