مع اقتراب موعد كأس أمم إفريقيا، يجد المشجعون الجزائريون أنفسهم أمام معطى جديد يفرض مستوى أعلى من الوعي والانضباط داخل الملاعب. فقد جرى تدشين مكاتب قضائية داخل الملاعب المحتضنة للمنافسة، وهو مستجد يؤشر على تحول في طريقة التعامل مع أي تجاوزات قد تقع أثناء المباريات.
هذا الواقع الجديد يجعل الفضاء الرياضي مرتبطًا مباشرة بالإطار القانوني، حيث لم تعد المخالفات أو التصرفات غير الرياضية مسألة مؤجلة إلى ما بعد اللقاء، بل قد تُعالج في محيط الملعب نفسه. ومن هنا، تبرز أهمية وعي الجماهير، وعلى رأسها الجماهير الجزائرية المعروفة بكثافتها وحماسها الكبير وتأثيرها الواضح في المدرجات.
لطالما كان الجمهور الجزائري عنصر قوة حقيقي للمنتخب الوطني، بصوته وأهازيجه وحضوره اللافت في مختلف الملاعب الإفريقية. غير أن المرحلة المقبلة تتطلب تشجيعًا مسؤولًا، يوازن بين الحماس والالتزام، ويضع مصلحة المنتخب فوق أي انفعال لحظي قد ينعكس سلبًا على الفريق أو على صورة الأنصار.
إن وجود هذه المكاتب داخل الملاعب يفرض على المشجع إدراك أن أي تصرف غير محسوب قد تكون له تبعات فورية، وهو ما يجعل احترام القوانين، والتحلي بالروح الرياضية، والتعامل الحضاري مع المنافسين والحكام، جزءًا أساسيًا من التشجيع الحقيقي.
في التظاهرات القارية الكبرى، لا يُقاس حضور الجماهير بعددها فقط، بل بسلوكها داخل المدرجات وخارجها. فالمدرجات أصبحت واجهة تعكس ثقافة الشعوب، والجمهور الجزائري مطالب بأن يكون في مستوى سمعته وتاريخه، من خلال دعم إيجابي يعبّر عن الشغف دون تجاوز.
وبين طموحات المنتخب الوطني في الذهاب بعيدًا في المنافسة، ودور الجماهير في صنع الفارق، يبقى الرهان الأكبر على تشجيع واعٍ ومسؤول، يُسهم في خلق أجواء مثالية داخل الملاعب، ويمنح صورة مشرّفة عن الجزائر في محفل قاري تتابعه أنظار القارة بأكملها.
