أسدل الستار على منافسات الجولة الأولى من دور المجموعات لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2025، بعد إجراء 12 مباراة كشفت منذ البداية عن بطولة قوية ومفتوحة على جميع الاحتمالات، في ظل تقارب المستويات، وارتفاع النسق التكتيكي، وحضور واضح للأسماء الكبيرة التي صنعت الفارق في اللحظات الحاسمة.
وشهدت الجولة الأولى تسجيل 30 هدفًا، بمعدل 2.5 هدف في المباراة الواحدة، وهو رقم يعكس الطابع الهجومي للبطولة منذ انطلاقتها، ويؤكد رغبة المنتخبات في فرض شخصيتها مبكرًا وعدم الاكتفاء بجسّ النبض، خاصة في ظل نظام المنافسة الذي لا يرحم المتعثرين في الجولات الأولى.
برزت خلال هذه الجولة أسماء معروفة على الساحة الإفريقية، حيث تصدر كل من إلياس عاشوري من تونس ورياض محرز قائد المنتخب الوطني الجزائري قائمة الهدافين بتسجيل هدفين لكل لاعب، ليؤكدا الدور المحوري الذي تلعبه الخبرة واللمسة الفردية في حسم المباريات، خاصة في ظل التنظيم الدفاعي المحكم الذي اعتمدته أغلب المنتخبات.
محرز، بخبرته القارية والدولية، كان مرة أخرى عنصر الترجيح في صفوف “الخضر”، بينما واصل عاشوري تألقه مع المنتخب التونسي، مستفيدًا من سرعته وتحركاته الذكية بين الخطوط، ليؤكد أن البطولة الإفريقية لا تزال تصنع نجومها على أرض الميدان.
ورغم تسجيل عدد معتبر من الأهداف، إلا أن الجولة الأولى أظهرت توازنًا كبيرًا بين المنتخبات، حيث لم تكن الانتصارات العريضة حاضرة بقوة، باستثناء بعض المباريات التي حُسمت بفوارق مريحة. كما فرضت عدة منتخبات أقل تصنيفًا نفسها بندية كبيرة، ونجحت في إحراج منتخبات مرشحة، ما يعكس التطور اللافت لكرة القدم الإفريقية في السنوات الأخيرة.
هذا التوازن جعل حسابات التأهل مفتوحة في أغلب المجموعات، وأجّل الحسم إلى الجولتين الثانية والثالثة، ما يَعِدُ بمباريات أكثر شراسة وضغطًا، خاصة للمنتخبات التي اكتفت بالتعادل أو خرجت خاسرة في مستهل المشوار.
فنيًا، اتسمت مباريات الجولة الأولى بالحذر التكتيكي، خاصة في الأشواط الأولى، حيث فضّلت العديد من المنتخبات تأمين مناطقها الخلفية والاعتماد على التحولات السريعة والكرات الثابتة، التي لعبت دورًا حاسمًا في ترجيح الكفة في أكثر من مباراة.
كما برز الانضباط الدفاعي واللياقة البدنية العالية، مقابل تفاوت في الفعالية الهجومية، وهو ما يفسر ضياع العديد من الفرص السانحة، رغم الوصول المتكرر إلى مناطق الخطر.
مع نهاية الجولة الافتتاحية، بات واضحًا أن النسخة الحالية من كأس أمم إفريقيا لن تكون سهلة لأي منتخب، مهما كان تاريخه أو تصنيفه. فالمباريات القادمة ستُلعَب تحت ضغط أكبر، حيث سيبحث الفائزون عن تأكيد انطلاقتهم، فيما سيكون المتعثرون مجبرين على تدارك الوضع لتفادي الحسابات المعقدة في الجولة الأخيرة.
وتبقى الجولة الثانية مفصلية في تحديد ملامح المتأهلين الأوائل، وقد تشهد سقوط أسماء كبيرة أو بروز مفاجآت جديدة، في بطولة أكدت منذ بدايتها أنها بطولة التفاصيل الصغيرة، وحسم اللحظات، وليس الأسماء فقط.

