لم يكن لقاء رياض محرز بمدرب المنتخب الجزائري فلاديمير بيتكوفيتش في جدة مجرد لقاء عابر، بل جاء محملاً بتعهدات واضحة من المدرب بوضع قائد “الخضر” في أفضل الظروف الممكنة ومنحه المكانة التي يستحقها داخل التشكيلة. وقد رد محرز سريعاً على هذه الثقة، ليس فقط بإبداعه داخل الملعب، بل أيضا بردٍ قوي على كل المشككين في ولائه للمنتخب الوطني، عبر قيادته الجزائر لتحقيق فوز ثمين على غينيا الاستوائية في أولى مباريات تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2025 بنتيجة 2-0
لم تكن الجماهير الجزائرية في ملعب ميلود هدفي سوى انعكاس لحالة الرضا التي شعر بها الجميع تجاه أداء محرز. عندما استبدل في الدقيقة 83، صاحبه تصفيق حار وهتافات تشجيعية، وكأن الجمهور يريد التأكيد على تقديره لعودته الموفقة التي لم تقتصر على مجرد أداء فردي، بل جاءت محملة بالثقة والقيادة.
مباراة الأمس لم تكن سهلة في شوطها الأول، حيث بدا المنتخب الجزائري تائهاً وسط تكتل دفاعي محكم من غينيا الاستوائية و خاصة بعد تضييع محرز لضربة جزاء. لكن محرز، بفضل خبرته وذكائه، عرف كيف يعود في الشوط الثاني ليقود هجمات الفريق بشكل فعال، حيث قام بعمل ثنائي رائع مع حسام عوار الذي سجل الهدف الوحيد في المباراة. لم يكن الهدف مجرد لحظة عابرة، بل جاء تتويجاً لمجهودات محرز الذي قاد العديد من الهجمات وصنع الفرص، وأبهر الحضور بمهاراته الفنية العالية.
إحصائيات موقع “سوفا سكور” أثبتت مرة أخرى مكانة محرز. تقييمه كان (7.4) متقدماً على العديد من اللاعبين، ورغم ذلك خلف حسام عوار (7.9) ورامي بن سبعيني (7.9). وقد أظهر محرز دقة تمريراته بنسبة 88%، حيث أتم 30 تمريرة صحيحة من أصل 34، وقدم تمريرتين مفتاحيتين. الأكثر لفتاً للنظر هو نجاحه في جميع الالتحامات التي خاضها بنسبة 100%، وهو مجال لم يكن معروفاً عنه التألق فيه.
لم يكن أداء محرز المذهل على أرضية الملعب هو الشيء الوحيد الذي لفت الانتباه، بل أيضا تصريحاته بعد المباراة. بعد إهدار ركلة جزاء، تحدث بصراحة عن الخطأ الذي ارتكبه بتغيير الجهة التي اعتاد التسديد فيها. لكن ما أدهش المتابعين هو هدوءه وثقته بالنفس، ما عكس ارتياحه مع المنتخب في هذه المرحلة، خاصة في ظل الدعم الجماهيري الكبير.
أشار محرز إلى الصعوبات التي واجهها “الخضر” في الشوط الأول، وكيف تمكنوا من العودة في الشوط الثاني بفضل تنويع اللعب والضغط على الخصم من الأطراف والوسط. كما أكد على أن الجمهور الوهراني لعب دوراً كبيراً في تحفيز اللاعبين على العودة بقوة في الشوط الثاني.
في النهاية، عكست مباراة غينيا الاستوائية العديد من الدروس؛ أحدها هو أهمية الثقة المتبادلة بين المدرب واللاعبين، لا سيما بين قائد بحجم رياض محرز ومدربه بيتكوفيتش.