عندما نتحدث عن وفاء اللاعبين لأنديتهم السابقة، يُعتبر الجزائري بغداد بونجاح مثالاً حيًا على تلك القيمة الإنسانية النادرة في كرة القدم. هذا اللاعب الذي صنع المجد مع السد القطري خلال تسع سنوات، عاد ليواجه فريقه السابق في مشهد لا يخلو من العواطف المتضاربة والحنين إلى الماضي، لكنه مع ذلك أثبت احترافيته المطلقة حين قاد فريقه الجديد، الشمال، لتحقيق الفوز حيث سجل ثنائية ممتازة
لا يمكن نسيان اللقطة التاريخية التي حدثت في ملعب كامب نو قبل 14 عامًا عندما احتفل رونالدينيو، نجم برشلونة السابق، مع زملائه السابقين بعد فوزهم بلقب كأس جوهان جامبر على ميلان. قائد برشلونة آنذاك، كارليس بويول، أصر على منح الكأس لرونالدينيو الذي كان يرتدي قميص ميلان، في مشهد جسّد الروح الرياضية الحقيقية.
بالأمس، شاهدنا شيئًا مشابهًا في ملعب أحمد بن علي، حيث حرص لاعبو السد على اصطحاب زميلهم السابق بغداد بونجاح لالتقاط الصورة التذكارية قبل انطلاق مباراتهم ضد الشمال في الجولة الأولى من الدوري القطري للموسم الجديد. ورغم الود الذي ظهر بين بونجاح وزملائه السابقين، إلا أن ما حدث على أرض الملعب كان أمرًا مختلفًا تمامًا.
في أول مباراة له مع الشمال بعد انتقاله من السد، لم يتردد بغداد بونجاح في تقديم أفضل ما لديه، حيث سجل هدفين في شباك فريقه السابق. هذه الأهداف لم تكن مجرد نقاط عابرة في مباراة، بل كانت إعلانًا واضحًا عن جاهزية بونجاح لتحديات جديدة مع فريقه الجديد.
ورغم الاحترافية الكبيرة التي أظهرها بونجاح على أرض الملعب، إلا أنه لم يحتفل بعد تسجيله الأهداف، في إشارة واضحة إلى احترامه الكبير للسد وجماهيره. كان ذلك موقفًا نبيلاً يعكس أخلاق اللاعب وتقديره للسنوات التي قضاها مع الفريق.
بغداد بونجاح لم يكن مجرد مهاجم في السد، بل كان جزءًا من تاريخه وإنجازاته. خلال تسع سنوات، سجل 204 أهداف وقدم 60 تمريرة حاسمة في 232 مباراة رسمية. كان له دور بارز في تحقيق العديد من الألقاب المحلية والدولية، قبل أن يرحل عن النادي بعد تتويجه بثنائية الدوري وكأس الأمير.
لكن بونجاح لم يكتفِ بما حققه مع السد، بل بدأ بداية جديدة مع الشمال، ومع هدفين في أول مباراة له في الدوري القطري لهذا الموسم، رفع رصيده إلى 152 هدفًا في هذه المسابقة. هذا الرقم يعكس مكانة بونجاح كأحد أبرز المهاجمين في تاريخ الدوري القطري.
بغداد بونجاح أثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد لاعب موهوب، بل هو نموذج للاحترافية والوفاء في عالم كرة القدم. انتقاله إلى الشمال كان خطوة جديدة في مسيرته، لكنه لم ينسَ ما قدمه مع السد. والآن، يتطلع بونجاح إلى تحقيق المزيد من الإنجازات مع فريقه الجديد، دون أن يتخلى عن قيمه ومبادئه التي جعلت منه واحدًا من أفضل اللاعبين في تاريخ الكرة القطرية.