16 مباراة فقط كانت كافية ليضع فلاديمير بيتكوفيتش بصمته الأولى مع المنتخب الوطني. أرقام السويسري تبدو مغرية: 11 فوزا، 3 تعادلات، وهزيمتان فقط، مع هجوم سجّل 44 هدفا ودفاع استقبل 16. المنتخب ضمن التأهل إلى كأس إفريقيا بسهولة، ويقترب من العودة إلى المونديال بعد غياب طال نسختين. على الورق، كل شيء مثالي.
لكن فوق المستطيل الأخضر، الصورة مختلفة. الأداء باهت، الإقناع غائب، والجماهير لا تزال عطشى للكرة الجميلة. وهنا يطرح السؤال: أين يكمن الخلل؟
اللوم يُوجَّه بالأساس إلى خيارات بيتكوفيتش. فالمدرب يمنح الفرصة لأسماء خارج الفورمة، بينما يتجاهل عناصر أكثر جاهزية قادرة على ضخ نفس جديد. وحتى عندما يغامر ببعض التغييرات، يعود سريعا إلى نفس التشكيلة التقليدية. غياب لاعبين أساسيين مثل أيت نوري وبن ناصر أثّر دون شك على توازن المنتخب، لكن هل يكفي هذا لتبرير الأداء الشاحب؟ وهل من المنصف أن يتحمّل بيتكوفيتش وحده مسؤولية تراجع مستوى بعض الأسماء.
بعد مباراة غينيا الأخيرة، تحدّث بيتكوفيتش عن “إزاحة عقبة”، كما فعل بعد مواجهة بوتسوانا. خطاب واقعي يهدف إلى اللعب مباراة بمباراة، لكنه لا يقنع الجماهير التي ترى في ذلك تبريرا لأداء محدود. خصوصا وأن المنتخب اكتفى بفرصتين خطيرتين فقط أمام غينيا، بينما كان الخصم أكثر خطورة. كما أن رغبة المدرب في تقديم كرة هجومية لم تظهر على الميدان، فكيف لمنتخب يوصف بالهجومي أن يصنع فرصا نادرة أمام منافسين متوسطين؟
بيتكوفيتش من جهته لا يُنكر محدودية الأداء، وقد وعد بتحسين الصورة في قادم الاستحقاقات، خاصة قبل كأس إفريقيا. برّر تواضع المستوى الحالي بغياب الجاهزية البدنية للاعبين الذين ما زالوا في بداية الموسم، لكنه أبدى ثقة كبيرة في أن الأمور ستتغير مع حلول شهري أكتوبر ونوفمبر، حين يصل اللاعبون إلى نسق أفضل.
الجدل ما زال قائمًا: هل بيتكوفيتش هو المسؤول عن تكرار نفس الأخطاء والخيارات غير المقنعة؟ أم أن الواقع يفرض الاعتراف بأن المنتخب لا يملك بعد الأسماء القادرة على فرض أسلوب لعب جميل ومقنع؟ النتائج الإيجابية لا تخفي هشاشة الأداء، فكلما واجه الخضر خصما يملك الحد الأدنى من الخطورة، تظهر المعاناة وتتعقد الأمور. وهنا يبقى السؤال مفتوحا: هل ينجح بيتكوفيتش في إيجاد التوازن بين البراغماتية والجرأة، أم أن المنتخب سيظل عرضة للصعوبات أمام أي منافس جاد؟
