يثير موضوع التحاق مزدوجي الجنسية بالمنتخب الوطني جدلاً كبيراً كلما برز بعض اللاعبين الشباب في الأندية الأوروبية، حيث يبدأ الحديث عن إمكانية التحاقهم بصفوف “الخضر”. وغالباً ما يُظهر تردد بعضهم ميلاً واضحاً نحو اللعب لمنتخب فرنسا، غير أنهم في نهاية المطاف يرتدون أجمل قميص، قميص الجزائر، ويُعاملون معاملة الكبار. في المقابل، يجد آخرون أنفسهم في معاناة بسبب إصرارهم على تمثيل “الديكة” وما يترتب عن ذلك من خيبات.
وتطالب عدة أطراف بضرورة التعامل بصرامة مع هذا الملف، وعدم الركض وراء أي لاعب مهما كان اسمه أو موهبته، لأن الجزائر يجب أن تكون الخيار الأول دون منازع. واحترام المنتخب الوطني واجب على الجميع، والترحيب بمن يختاره يجب أن يكون كبيراً وصادقاً، على عكس من يجعل الجزائر خياراً ثانوياً أو احتياطياً، فهؤلاء يجب إبعادهم نهائياً من الحسابات.
فقير، عدلي أسماء خسرت نجوميتها، وشرقي مع أكليوش قد يلقيا نفس المصير
قلب نبيل فقير مساره رأساً على عقب بعدما تراجع عن تمثيل الجزائر مفضّلاً منتخب فرنسا، حيث عانى من إصابات خطيرة أثّرت على مسيرته، فلم يصل إلى مستوى الأندية الأوروبية الكبرى، كما أن بصمته مع “الديكة” كانت شبه منعدمة.
أما ياسين عدلي، الذي فضّل بدوره فرنسا، فقد تلقى ضربة قوية بعد أن تجاهله المدرب ديدييه ديشامب تماماً، رغم تصريحاته المتكررة برغبته في اللعب معهم. ولم ينجح عدلي في فرض نفسه مع الأندية التي لعب لها، بين فيورنتينا وميلان، ليجد نفسه في مسار متراجع انتهى به سريعاً إلى الملاعب الخليجية.
وبالنسبة لمغناس أكليوش، الذي اختار فرنسا مؤخراً، فإن كل المعطيات تشير إلى أن مستقبله مع منتخبهم غير مضمون، إذ لم يقنع مدرب “الديكة” بقدراته، في ظل وجود أسماء أخرى تتفوق عليه في نفس المركز، ما يجعل حلمه في المشاركة بكأس العالم شبه مستحيل.
أما ريان شرقي، فقد أبقى باب تمثيل الجزائر مفتوحاً لفترة، غير أن استدعاءه الأول من فرنسا كشف نواياه الحقيقية، حيث بدا واضحاً أن مخططه كان مرسوماً منذ مدة. ورغم ذلك، يبقى ما سيقدمه مستقبلاً مع “الديكة” وكيفية تعاملهم معه مسألة تنتظر المتابعة.
بودبوز، بن طالب وبوعناني اختاروا الجزائر دون تردد
ولن تنسَ الجماهير الجزائرية تلك القرارات الحاسمة التي اتخذتها بعض الأسماء في سن مبكرة، حين رفضت الالتفات إلى فرنسا رغم امتلاكها فرصاً كبيرة لارتداء قميصها. ويأتي في مقدمتهم رياض بودبوز الذي التحق سنة 2010، في وقت كان يُلقّب فيه بـ”زيدان الجديد” نظراً لفنياته الكبيرة، حيث اعتُبر من أبرز المواهب التي خطفت الأنظار وحظيت بمتابعة دائمة من كبار كشافي الأندية الأوروبية العملاقة.
وسار نبيل بن طالب على النهج ذاته بعدما قرر تمثيل الجزائر سنة 2014، وهو الذي كان يلعب أساسياً مع توتنهام ويقدّم مستويات أبهرت الجميع وهو لم يتجاوز 19 عاماً. الأمر الذي دفع فرنسا وحتى إنجلترا لمحاولة إقناعه باللعب معهما، لكنه أكد منذ البداية تعلقه بالمنتخب الجزائري واختار الدفاع عن ألوانه.
أما بدر الدين بوعناني، فرغم كونه قائداً لمنتخب فرنسا تحت 20 سنة ومصنفاً ضمن أبرز المواهب الصاعدة التي كانت محل انتظار في صفوف “الديكة”، فإنه لم يتردد في تلبية دعوة الجزائر، وأعرب بفخر كبير عن اعتزازه بحمل قميص الخضر والدفاع عنه في مختلف المحافل.
ويُعتبر هؤلاء النجوم مثالاً حقيقياً للروح الوطنية والتعلق الكبير بالمنتخب الجزائري، فضلاً عن الصدق في تقديم الإضافة النوعية لمحاربي الصحراء، وهو النموذج الذي ينبغي أن يحتذي به كل الشباب في أوروبا، ومن يتطلع إلى تمثيل الخضر.
الجزائر مطالبة بتغيير طريقة التعامل والقبام بمشاريع احترافية
يتعين على مسؤولي كرة القدم في الجزائر تغيير أسلوب التعامل وإيجاد حلول جذرية لمثل هذه القضايا، من أجل الحفاظ على رمزية حمل القميص الوطني. فالخطوة الأهم هي أن يكون التواصل مع اللاعب مباشراً، مع طلب قرار واضح وفوري منه، ورفض كل من يتردد أو يُبدي فتوراً في الحماس والرغبة في تمثيل الجزائر.
كما يجب إطلاق مشاريع احترافية لاكتشاف المواهب وصقلها على أسس علمية حديثة، بما يضمن تطوير كرة القدم المحلية. فالمادة الخام متوفرة في الجزائر وتحتاج فقط إلى الرعاية والتكوين الصحيح، وهو ما سيُغني المنتخب الوطني عن انتظار موافقة بعض المواهب من خارج الوطن.