شهدت التحضيرات الخاصة بكأس أمم إفريقيا المقبلة في المغرب موجة من الاستياء في الجزائر، بعد أن اصطدم الآلاف من المناصرين بصعوبات كبيرة في الحصول على التأشيرة الإلكترونية التي تفرضها السلطات المغربية على الراغبين في حضور مباريات المنتخب الوطني. ورغم الترويج الرسمي لهذه الخدمة على أنها خطوة لتسهيل دخول الجماهير الإفريقية، إلا أن الواقع أثبت العكس بالنسبة للجزائريين، الذين وجدوا أنفسهم أمام عراقيل معقدة وقرارات رفض غير مبررة.
تحدث مدير إحدى وكالات السفر بالعاصمة الجزائرية لموقعنا مؤكداً أنه أودع ستة عشر طلباً لزبائن يرغبون في السفر إلى المغرب لمتابعة “الخضر”، لكن النتيجة كانت صادمة، إذ تمت الموافقة على طلب واحد فقط ورفض البقية دون أي تفسير أو توضيح. وأشار المتحدث إلى أن الملفات كانت كاملة ومستوفية لكل الشروط التقنية والإدارية المطلوبة، غير أن المنصة المغربية الخاصة بالتأشيرة الإلكترونية أظهرت ما يشبه الرفض الممنهج لكل ما يتعلق بالجنسية الجزائرية.
عبّر العديد من المناصرين بدورهم عن خيبة أملهم من هذه الوضعية، معتبرين أن ما يجري لا يمكن وصفه إلا بمحاولة غير مباشرة لحرمانهم من حضور عرس إفريقي طالما حلموا بمواكبته ميدانياً. فبينما كانت الجماهير الجزائرية تستعد لتنظيم رحلات جماعية عبر وكالات السفر، اصطدمت بجدار من العراقيل الإدارية التي تثير التساؤل حول الخلفيات الحقيقية وراءها.
عكس ما تروج له اللجنة المنظمة من أن النظام الإلكتروني جاء لتسهيل المشاركة الجماهيرية، بدا واضحاً أن التقنية تحولت إلى أداة إقصاء ناعمة، تخفي خلفها موقفاً سياسياً أكثر مما تعكس توجهاً تنظيمياً. فكيف يُعقل أن تُرفض طلبات جماهير بلد جارٍ بأكملها دون تبرير، في وقت يُفترض أن تكون البطولة مناسبة لتوحيد الشعوب لا لزيادة الهوة بينها؟
جاءت هذه التطورات لتضع علامات استفهام كبيرة حول جدية الخطاب المغربي بشأن تنظيم بطولة إفريقية “لكل الأفارقة”. فالتجربة الأولى مع الجزائريين أظهرت أن التكنولوجيا لا يمكن أن تُجمّل قراراً سياسياً في ثوب إداري، وأن الوعود بالانفتاح تبقى مجرد شعارات حين تقف السياسة خلف شاشة الرفض الرقمي.